Prijavi se

Motu proprio Misericordia Dei

الرسالة الرسوليّة على شكل
MOTU PROPRIO

MISERICORDIA DEI

حول أوجه معيّنة من الاحتفال بسرّ التوبة

برحمة الله الآب الذي صالحنا مع نفسه، أصبحت الكلمة جسدًا في رحم مريم العذراء المباركة الذي لا عيب فيه "ليُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (متّى 1: 21) وليفتح لهم "طريق الخلاص الأبدي". عبر التعريف عن يسوع على أنّه "حَمَلُ اللهِ الَّذِي يُزِيلُ خَطِيئَةَ الْعَالَمِ." (يوحنا 1: 29)، أكّد القدّيس يوحنا الممدان على مهمّته. في جميع أعماله وتعاليمه يدعو سابق المسيح بحرارة وحماسة إلى التوبة والارتداد، ويكون الدليل عليها المعموديّة في مياه الأردن. ويسوع نفسه خضع لهذا الطقس التكفيري (العودة إلى: متّى 3: 13-17)، ليس بسبب خطيئة فعلها بل لأنّه "سمح لنفسه أن يُعدّ مع الخطاة، هو بالفعل حَمَلُ اللهِ الَّذِي يُزِيلُ خَطِيئَةَ الْعَالَمِ" (يوحنا 1: 29)؛ وهو بالفعل يستبق "معموديّة" موته المدمي."

الخلاص هو بالتالي وفوق كلّ شيء الفداء من الخطيئة التي تعيق العلاقة مع الله، وهو تحرير من حالة العبوديّة التي يجد الانسان نفسه فيها منذ استسلم لتجربة الشرّير وخسر حرّية الْمجد الَّتي لأَولاد الله. (العودة إلى رومية 8: 21).

المسيح يعهد إلى الرسل مهمّة الإعلان عن ملكوت الله والتبشير بإنجيل التوبة (العودة إلى مرقس 16: 15؛ مرقس 28: 18-20). في مساء يوم قيامة يسوع، وبينما كانت المهمّة الرسوليّة على وشك أن تبدأ، منح تلاميذه، من خلال قوّة الروح القدس، سلطان مصالحة الخطاة التائبين مع الله والكنيسة: "اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غفرتم خطاياهم غُفِرَت لَهم، ومن أَمسكتم خطاياهم، أُمسِكت!" (يوحنا 20: 22-23).

على مرّ التاريخ، وفي ممارسة الكنيسة الدائمة، لطالما اعتُبرت "خدمة المصالحة" (2 كورنثوس 5: 18) الممنوحة من خلال سرّي العماد والتوبة، على أنّها واجب رعويّ أساسيّ وسامي جدًا في خدمة الكهنة والتي تتمّ تأديتها تطبيقًا لوصيّة يسوع. وعلى مرّ القرون، تطوّر الاحتفال بسرّ التوبة واتّخذ أشكال عدّة ولكنّه احتفظ دائمًا بالتركيبة الأساسيّة نفسها: هو يشمل بالضرورة، ليس عمل الخادم فحسب – الأسقف أو الكاهن، الذي يدين ويغفر، ويرعى ويشفي باسم المسيح – بل أيضًا أعمال التائب: الندم، والاعتراف والارتياح.

كتبتُ في رسالتي البابويّة Novo Millennio Ineunte: "أنا أدعوكم للحماس الرعويّ المتجدّد لكي يعرف التّعليم اليوميّ الذي تتلقاه الطوائف المسيحيّة كيف يقدّم على نحو مقنع وفعّال ممارسة سرّ المصالحة. ففي العامّ 1984 و كما تتذكّرون، عالجتُ هذا الموضوع في عظة بعد السينودس Reconciliatio et paenitentia التي تضمّ نتائج الجمعيّة العامّة التابعة لسينودس الأساقفة المختصّة بهذه القضيّة. أدعوكم إذن الى السّعي حثيثًا بغية مواجهة أزمة "معنى الخطيئة" الظاهرة في ثقافة اليوم. لكنني كنت أكثر النّاس إصرارًا عندما طالبتُ بإعادة اكتشاف المسيح وكأنه سرّ التّقوىMysterium pietatis ، الشخص الوحيد الذي يبيّن فيه الله لنا قلبه الرّحوم ويصالحنا فيه تمامًا مع ذاته. هذا هو وجه المسيح الذي يجب اكتشافه مرّة أخرى وذلك عبر سرّ التّوبة الذي هو بالنسبة الى المؤمنين "الطريق العاديّ الذي يُفضي بنا الى المغفرة وغفران الخطايا المميتة المرتكبة بعد المعموديّة." وعندما عالج السينودس المشكلة، كانت أزمة السّرّ المقدّس مطروحة أمام عيون الجميع، وعلى وجه الخصوص في بعض المناطق في العالم. إنّ الأسباب التّي أدّت الى الأزمة لم تختفِ في الفترة الوجيزة من الوقت. لكنّ سنة اليوبيل التي تميّزت بالعودة الى سرّ التّوبة بخاصّة، زوّدتنا برسالة تشجّع فيها على عدم تجاهلها: اذا استفاد الكثير من الناس ومن بينهم أيضا الكثير من الشّباب، من الاقتراب من سرّ المقدّس هذا، من الضّروريّ ربّما أن يتسلّح رعاة الأبرشيّة بالمزيد من الثقة والإبداع والمثابرة في تقديم هذا السرّ وتوجيه الناس الى تقديره."4))

مع هذه الكلمات، نويتُ، كما أنوي الآن، على تشجيع الأساقفة الإخوة ومن خلالهم كافّة الكهنة أيضًا، ودعوتهم في الوقت عينه، الى منح سرّ المصالحة هذا بسرعة قوّة جديدة، وكأنّه مطلب المحبّة الحقيقيّة والعدالة الرّعاويّة المثاليّة.(5) كذلك أنوي على تذكيرهم بأنّ كلّ مؤمن، ونظرًا لتهيّأه الدّاخليّ المناسب، يتمتّع بحقّ تلقّي شخصيًّا النّعمة المقدّسة. لكي يستطيع القسّ أن يعرف ما اذا كان التّائبون مستعدّين لتلقي الغفران أو لا ولفرض توبة مناسبة، من الضّروريّ أنّ على المؤمنين أن يعترفوا بخطاياهم، مدركين أيضًا الخطايا التّي ارتكبوها ومعبّرين عن أسفهم ومصمّمين على عدم الوقوع فيها مرّة أخرى.(6) ففي هذا السّياق، أعلن المجمع التريدنتيني أنّه من الضّروريّ وفقًا "للمرسوم الإلهيّ الاعتراف بكلّ خطيئة مميتة."(7) ترى الكنيسة دائمًا أنّ ثمّة علاقة جوهريّة بين الحكم المَعهود للكهنة في السرّ المقدّس هذا وبين حاجة التّائبين الى إحصاء خطاياهم(8) ، باستثناء في الوقت الذي يستحيل فيه ذلك. إذن ومنذ ذلك الحين، يشكّل الاعتراف الكامل بالخطايا المميتة ووفقًا للمرسوم الإلهيّ جزءًا تأسيسيًّا من السّرّ المقدّس، فهو لا يخضع بأيّ حال من الأحوال لاستعداد القسوس الحرّ (الاعفاء، التّفسير، عادات محليّة الخ). في سياق القواعد التأديبيّة المناسبة، تشير السّلطة الكنسيّة المختصّة بكلّ بساطة الى المعايير بغية التّمييز بين حالات يتعذّر فيها المرء حقّا بالاعتراف بالخطايا وحالات أخرى حيث يكون فيها التّعذّر فقط ظاهرًا أو يمكن تخطيه.

في ظلّ الظروف الحاليّة الرّعويّة ومن أجل تلبية المطالب الخاصّة بالكثير من الإخوة في الأسقفيّة، ما أعتبره مفيدًا هو تذكّر بعض من القوانين الكنسيّة سارية المفعول بشأن الاحتفال بهذا السّرّ، موضحًا بعض من جوانبها بغية تعزيز إدارة أفضل له، وذلك بروح من التّواصل التي هي من مسؤوليّة الأسقفيّة الكاملة(9) . إنّ هذه المسألة هي مسألة ضمان الاحتفال بالذبيحة الالهيّة التي تتزايد صحّة ونجاحًا والمحافظة عليها والتي عهد بها السّيّد المسيح الى الكنيسة بعد قيامته. (يوحنّا 20: 19-23). يبدو هذا على وجه الخصوص ضروريًّا، بمعنى آخر، ففي بعض الأماكن ميلٌ للتّخلي عن الاعتراف الفرديّ وللّجوء على نحو خاطىء الى الغفران "الكامل" أو "الشّعبيّ"، بحيث أنّ هذا لا يظهر كوسيلة استثنائيّة في ظروف استثنائيّة تمامًا. وعلى أساس الاتّساع التّعسفيّ لموجب ا لضّرورة الملحّة (10) وعلى الصّعيد العمليّ، تبرز مسألة غياب الإخلاص في التكوين الإلهيّ للسّرّ المقدّس وعلى وجه الخصوص غياب ضرورة الاعتراف الفرديّ، ما يؤدّي الى ضرر خطير يصيب حياة المؤمن الرّوحيّة وقداسة الكنيسة. وهكذا، بعد التّشاور مع مجمع عقيدة الإيمان ومجمع العبادة الإلهيّة ورُتب الأسرار والمجلس البابويّ بشأن النصوص التّشريعيّة، وبعد الاستماع الى وجهات نظر الكرادلة الأشقاء الأجلاء المكلّفين في مجامع الكوريا الرومانية، وبعد التّطرّق مرة ثانية الى المذهب الكاثوليكيّ بشأن سرّ التّوبة والمصالحة المعروض بإيجاز في التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة(11) ، وبعد أن أدركتُ ما هي مسؤوليّتي الرّعاويّة وعرفتُ تمامًا ضرورة هذا السّرّ المقدّس وفعاليّته الدّائمتين، أصدرت ما يلي:

1. على الأساقفة أن يذكّروا كافّة كهنة سرّ التّوبة بكافّة الأمور التي أثبتها قانون الكنيسة العالميّ، تطبيقًا للعقيدة الكاثوليكيّة :

  • -"يشكّل الاعتراف الفرديّ والكامل الوسيلة الوحيدة والعاديّة التي بواسطتها يتصالح المؤمنون الذين يدركون وجود خطيئة مميتة، مع الله والكنيسة، فقط التّعذّر الأخلاقيّ أوالطبيعيّ يُعفي من هذا الاعتراف وفي هذه الحالة يمكن الحصول على سرّ المصالحة بطرق أخرى.(12)"
  • -لذلك، "كلّ أولئك الذّين عُهد اليهم بموجب وظيفتهم، بالعناية بالنّفوس، يكونون ملتزمين بسماع اعترافات المؤمنين المعهودة اليهم،عندما يطلبون ذلك بطريقة منطقيّة، وبالسّماح لهم بأن يعترفوا وحدهم في الأيام والأوقات المحدّدة التي تناسبهم (13)".

علاوة على ذلك، يجب على كلّ الكهنة الذين يتمتّعون بحقّ إدارة سرّ التّوية، أن يظهروا دائمًا وتمامًا بأنهم مستعدّون لإدارته كلّ مرّة يطلب فيها المؤمنون ذلك بطريقة منطقيّة(14) . إنّ عدم الاستعداد للتّرحيب بالأغنام المصابة، أو حتّى للقائها بغية ايصالها الى الحظيرة، قد يكون علامة حزينة بسبب فقدان الحسّ الرّعويّ عند الذين يتوجّب عليهم، بأمر من السّيامة الكهنوتيّة، أن يكونوا الرّعاة الصّالحين.

2. يجب على الأساقفة المحليّين وكهنة الأبرشيّة ورؤساء الكنائس والمزارات أن يتحقّقوا بشكل دوريّ من أنّ هناك تسهيلات ممكنة وكبرى تسمح للمؤمنين بالإعتراف. من المستحسن بخاصّة أن يكون المعترفون حاضرين بشكل واضح في أمكنة العبادة وفي الأوقات المعلنة عنها، وأن تكون هذه الأوقات متناسبة مع وضع التّائبين الحقيقيّ، كما من المستحسن أن تكون الاعترافات متاحة للجميع وبخاصّة قبل القداس، وكذلك لتلبية حاجات المؤمنين في خلال الاحتفال بالقداديس، إنْ توافر كهنة آخرون(15) .

3. بما أنّه "يتوجّب على المؤمنين الاعتراف، وفقًا للنّوع والعدد، بكافّة الخطايا المميتة والمرتكبة بعد المعموديّة والذين هم على بيّنة منها بعد الامتحان الذّاتيّ الدّقيق(16) ، وبما أنّه لم يتمّ العفو عنها مباشرة بواسطة مفاتيح الكنيسة ولم يعترف بها المؤمنون وحدهم، فيجب أن رفض مرّة أخرى أيّ ممارسة تحدّ من الاعتراف باتّهام عامّ أو فقط من الاعتراف بخطيئة واحدة أو أكثر بكونها الأكثر أهميّة. من الأفضل أن يعترف المؤمنون الذين هم على طريق القداسة حتّى بالخطايا التي يُمكن اغتفارها(17) .

4. على ضوء القواعد المحدّدة أعلاه وضمن إطارها، يجب فهم الغفران ومنحه بطريقة صحيحة الى عدد التّائبين، بشرط الا يكونون معترفين وحدهم مسبقًا، كما نصّت عليه المادّة 961 من القانون الكنسيّ. في الواقع، إنّ مثل هذا الغفران "استثنائيٌّ بطبعه"(18) ولا يُنقل بطريقة عامّة الا في حال:

  • خطر الموت القريب، اذ لا يملك الكاهن أو الكهنة الوقت الكافي لسماع اعترافات التّائبين؛
  • ضرورة ملحّة، وهذا يعني، بالرّغم من عدد التّائبين، اذا لم يكن هناك ما يكفي من كهنة معرّفين جاهزين لسماع اعتراف كلّ شخص بطريقة ملائمة وفي الوقت المناسب، بحيث يمكن أن يُحْرم التّائبون من النّعمة المقدّسة أو حتّى من القربان المقدّس لوقت طويل بالرّغم من عدم وجود أي خطأ ارتكبوه، بيد أنّ الضرورة لا تكفي حتّى اذا لم يستطع أن يكون الكهنة المعرّفين جاهزين فقط للعدد الكبير من التّائبين، مثلما يمكن أن يحدث بمناسبة بعض من الأعياد الكبيرة أو في أثناء الحجّ(19) .

مع الاشارة الى حالة الضّرورة الملحّة، توضّح ما يلي:

  • يتعلّق الأمر بالحالات التي هي استثنائيّة بموضوعيّة، مثل الحالات التي يمكن أن تحدث في الأراضي الحاملة في طيّاتها الرّسائل أو في مجتمعات المؤمنين المنعزلة، حيث لا يَسع للكاهن زيارتها الا مرّة واحدة فقط أو أحيانًا مرّات عدّة في السّنة الواحدة، أو عندما تسمح الحرب أو أحوال الطقس أو عوامل مماثلة بذلك.
  • يُعتبر الشّرطان المنصوص عليهما في القانون الكنسيّ بغية تحديد الضّرورة الملحّة جزأيْن لا يتجزّأيْن. لذلك، لا تكفي أبدًا الحالة التي يتعذّر فيها الأشخاص من الاعتراف "بطريقة ملائمة" "وضمن الوقت المناسب" بسبب قلّة الكهنة، يجب أن يقترن ذلك بالواقع الذي يكون فيه التّائبون بطريقة أخرى ملزمين أن يبقوا في حالة الحرمان من النّعمة المقدّسة "لوقت طويل"، بالرّغم من عدم وجود أيّ خطإ ارتكبوه. علاوة على ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار عمومًا، أحوال التّائبين والأبرشيّة في ما يتعلّق بتنظيمها الرّعويّة وبتمكّن المؤمنين من الحصول على سرّ التّوبة.

    إنّ الشّرط الأوّل الا وهو تعذّر الاستماع الى الاعترافات "بطريقة ملائمة" وضمن "الوقت المناسب" يشير فقط الى الوقت المطلوب بشكل منطقيّ لعناصر الاحتفال بالسّر بطريقة جيّدة وصحيحة. فليست هذه المسألة هنا مسألة حديث رعاويّ أكثر اتّساعًا، الذي يمكن أن يُترك للظروف أكئر ملائمة. إنّ الوقت المقبول والمناسب الذي في خلاله يتمّ الاستماع الى الاعترافات سيرتكز على إمكانيّات المعرّف أو المعرّفين الحقيقيّة كذلك، على إمكانيّات التّائبين أنفسهم.

  • يقتضي الشّرط الثّاني قرارًا متعقّلا بغية تقييم فترة الحرمان من النّعمة المقدّسة، على أن يكون هناك تعذّر حقيقيّ كما هو منصوص عليه في القانون الكنسيّ رقم 960، في حال عدم وجود خطر موت قريب. لا يكون هذا القرار متعقّلا اذا شوّه الإحساس بالاستحالة الماديّة أو المعنويّة، كما سيكون الحال على سبيل المثال، اذا اعتُقدَ أنّ فترة أقلّ من شهر تعني البقاء لمدّة طويلة في هذه الحالة من الحرمان.
  • إنّ الاختراع أو السّماح باختراع ظروف الضّرورة الملحّة والواضحة أمرٌ غير مقبول بتاتًا والنّاتج عن عدم إدارة السّرّ بطريقة عاديّة بسبب فشل في تنفيذ القواعد المذكورة أعلاه(20)، التي ما زالت أقّل أهميّة بسبب تفضيل التّائبين للغفران الكامل، وكأنّه خيارًا صحيحٌ يعادل النّموذجين العاديّين المحدّدين في الطقوس.
  • علمًا أنّ عدد التّائبين الكبير الذّين يتجمّعون في مناسبة عيد كبير أو الحجّ، أو لأسباب سياحيّة أو لأسباب مماثلة أخرى تسبّب تنقّل الناس المتزايد، لا يشكّل بحدّ ذاته ضرورة ملحّة.

5. إنّ الحكم على ما اذا كانت الشّروط مطبّقة والمنصوص عليها في القانون الكنسيّ رقم 689، فقرة 1 و2 ليست شغل شاغل المعرّفين بل" أساقفة الأبرشيّة الذين يستطيعون تحديد حالات هذه الضّرورة(21) ، آخذين بعين الاعتبار المعايير المتّفق عليها برضى متبادل مع أعضاء المؤتمر الأسقفيّ الآخرين." يجب أن تجسّد هذه المعايير الرّعويّة السعي وراء الاخلاص التامّ في ظروف الأراضي المختصّة بالمقارنة مع المعايير الأساسيّة المحدّدة في أنظمة الكنيسة العالميّة والتّي ترتكز بذاتها على المتطلّبات النّاتجة عن سرّ التّوبة بحدّ ذاته وكأنّه قانون الهيّ.

6. إنّ التّناغم الكامل بين مؤتمرات الأساقفة في العالم بكونها ذات أهميّة أساسيّة لحياة الكنيسة في مسألة جوهريّة للغاية، يجب على المؤتمرات المختلفة بموجب القانون الكنسيّ رقم 455، فقرة 2، أن ترسل بأسرع وقت ممكن الى مجمّع العبادة الالهيّة ورُتب الأسرار نصّ القواعد التي تنوي اصداره أو تحديثه في ضوءMotu Proprio ( الاقتراح المناسب) وتطبيقًا للقانون الكنسيّ رقم 961. إنّ ذلك سيساعد على تعزيز التّواصل بين أساقفة الكنيسة الذي يزداد باستمرار، كما يشجّعون المؤمنين في أيّ مكان أن يستفيدوا من ينابيع الرّحمة الالهيّة التي تتدفّق من دون توقّف في سرّ المصالحة.

أمّا من جهة الشّراكة، فما سيكون مناسبًا لأساقفة الأبرشيّة هو تقديم لمؤتمراتهم الأسقفيّة المختصّة تقرير عمّا اذا حدثت حالات من الضّرورة الملحّة في خلال ولايتهم أم لا. كذلك ستكون من مهمّة كلّ مؤتمر تبليغ المجمّع المذكور أعلاه عن الوضع الحقيقيّ الذي يجري في مناطقهم وبالتّالي عن أيّ تغيير يجب أن يطرأ.

7. في ما يتعلّق باستعداد التّائبين الشخصيّ، ينبغي أن نذكّر بالأمور التّالية:

  • "من أجل أن يستفيد المؤمنون على نحو صحيح من الغفران المقدّس الذي مُنح للجميع في آنٍ، يقتضي الأمر بالا يكونون فقط مستعدّين بل أيضًا في الوقت ذاته مصمّمين على الاعتراف وحدهم في الوقت المناسب، بالخطايا المميتة التي لايمكن أن يُعترف بها كليًّا حاليًّا (22)."
  • الى أقصى حدّ ممكن وبما فيه حالات خطر الموت القريب، ينبغي إلقاء عظة تمهيديّة للمؤمنين لكي يحرص كلّ شخص على الا يقوم بعمل يندم عليه في ما بعد." (23)
  • من الواضح أنّ التّائبين الذين يرتكبون بشكل عاديّ الخطيئة المميتة والذين لا يصمّمون على تغيير وضعهم، لا يستطيعون الحصول على الغفران بشكل صحيح..

8. يبقى القيام بواجب "الاعتراف بالخطايا المميتة على الأقلّ مرّة في السّنة"(24)، " فأيّ شخص اغتُفرت خطاياه المميتة بالكامل، سيلجأ الى الاعتراف وحده في أقرب وقت ممكن، وذلك في حال حصوله على الفرصة قبل الحصول على غفران كامل جديد ، الا اذا طرأت قضيّة عادلة."(25)

9. في ما يتعلّق بمكان القيام بسرّ الاعتراف المقدّس، ينبغي أن نذكّر بالأمور التّالية:

  • "يُعتبر المكان المناسب للاستماع الى الاعترافات المقدّسة هو إمّا في كنيسة كبيرة أو في كنيسة صغيرة"(26) ، على أن يكزن واضحًا أنّ الأسباب الرّعويّة يمكن أن تبرّر القيام بالسّرّ المقدّس هذا في أماكن أخرى(27).
  • نظّمت القواعد أماكن الاعترافات. فهذه القواعد أصدرتها مؤتمرات الأساقفة ويجب عليها أن تضمن بأنّ مكان الاعترافات قائم في "مكان ظاهر جدًّا" يحيطه "حاجزًا ثابتًا" لكي يسمح للمؤمنين وللمعرّفين أنفسهم الذين يتمنّونه باستعماله بحريّة(28) .

أصرّح أنّ ما ذكرته في رسالة البابويّة هذه وفقًا ل Motus proprio، يجب أن يملك القوّة التّامة والدّائمة وأن يتمّ الالتزام بها ابتداء من هذا اليوم الرّابع، وعلى الرّغم من أيّ شرط مخالف. إنّ كلّ ما صّرحتُ عنه في هذه الرّسالة هو، بطبيعته، صالحٌ للكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة الجليلة وفقًا للقانون الكنسيّ.

أُلقيت هذه الرّسالة في روما، في كاتدرائيّة القديس بطرس، في السّابع من شهر نيسان\أبريل، في الأحد الثاني من الفصح، بمناسبة عيد الرّحمة الالهيّة، في سنة الرّبّ 2002، في سنة الرّابع والعشرين على تبوّأي منصب البابويّة.

يوحنّا بولس الثاني


1. القداس الرومانيّ (Roman Missal)، مقدّمة المجيء 1

2. التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة 536

3. راجع المجمع التريدنتيني( ترنت) المسكوني، دورة الرّابعة عشرة، De Sacramento Paenitentiae، القانون الكنسيّ 3،DS 1703.

4. رقم 37: 93AAS (2001) 292

5. راجع القانون الكنسيّ 213 و843، فقرة 1

6. راجع المجمع التريدنتيني( ترنت) المسكوني، دورة الرّابعة عشرة، Doctrina de Sacramento Paenitentiae، الفصل: 4، DS1676

7. المرجع نفسه: القانون الكنسيّ 7:DS 1707

8. المرجع نفسه، الفصل 5: DS 1679، مجمع فلورنسا المسكونيّ، مرسوم للأرمن (22 تشرين الثاني\نوفمبر 1439): DS 1323

9. راجع القانون الكنسيّ 392، المجلس المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الدّستور العقائديّ في الكنيسة Lumen Gentium، رقم 23، 27؛ المرسوم على مجلس الأساقفة الرّعوي في كنيسة كريستو دومينوس Christus Dominus، رقم 16

10. راجع القانون الكنسيّ 961، فقرة 12. القانون الكنسيّ 960

13. القانون الكنسيّ 986، فقرة 1

14. راجع المجلس المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، المرسوم على مجلس وحياة الكهنة Presbyterorum Ordinis، 13 Ordo Paenitentiae، طبعة نموذجيّة، 1974، Praenotanda، رقم 10، ب.

15. راجع مجمع العبادة الالهيّة ورُتب الأسرار، Responsa ad dubia proposita: Notitiae، 37 (2001)، 259-260

16. القانون الكنسيّ 988، فقرة 1

17. راجع القانون الكنسيّ 988، فقرة 2؛ يوحنا بولس الثاني، الارشاد البابويّ بعد السّينودوس Reconciliatio et Paenitentia (في 2 كانون الأوّل\ديسمبر 1984)، 32: AAS 77 (1985) 267؛ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، 1458
18. البابا يوحنّا بولس الثاني، الارشاد البابويّ بعد السّينودوس Reconciliatio et Paenitentia (2 كانون الأول\ديسمبر 1984)، 32: AAS 77 (1985) 267.

19. القانون الكنسيّ 961، فقرة 1

20. راجع 1و 2 أعلاه

21. القانون الكنسيّ 961، فقرة 2

22. القانون الكنسيّ 962، فقرة 1

23. القانون الكنسيّ 962، فقرة 2

24. القانون الكنسيّ 989

25. القانون الكنسيّ 963

26. القانون الكنسيّ 964، فقرة 1

27. راجع القانون الكنسيّ 964، فقرة 3

28. المجلس البابويّ لتفسير النصوص التّشريعيّة، Responsa ad propositum dubium: de loco excipiendi sacramentales confessions (تاريخ 7 تمّوز\يوليو 1998:AAS 90 (1998) 711